المتابعون

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

- الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

فضلا : ابداء رأيك بالموضوع



يا وجعَ المسرى

سبعون ساعةَ انتظارْ
سبعون هاجساً طوالَ الليل والنهارْ
سبعون وقفةً مع الذكرى
لكي أراكِ مرّةً أخرى
يا وجعَ المسرى..!

تُرى، أتعلمينْ
وأنتِ في فراشكِ الوثيرِ تحلمينْ
أو بين أوراقكِ،
تَمحينَ وتكتبينْ
أو في حنايا البيت تعمَلينْ
بأنَّ في بيتٍ بعيدٍ،
هادئ،ٍ
حزينْ
قلباً عليكِ ذائباً،
يقتلُهُ الحنينْ
تُرى، أتعلمينْ..؟!
!


فضلا : ابداء رأيك بالموضوع

                                             

يواجه عالم المشروعات الصغيرة الماتع والمثمر بعض التحديات القابلة للعلاج والتدارك , وهي التي من شأنها أن تقلل النجاح وتحّجم التوسع وتدهور الوضع المالي والإداري بعد أن كان متصاعداً وربما تصيب صاحب هذه المشروع الحالم بصدمة يرى فيها حلم حياته الجميل يتهاوى أمامه وهو لا يعرف ما هو السبب .
ولعلنا في عالمنا العربي كفكر وثقافة وقيم تواجهنا ثقافة العمل التقليدي البسيط والغير ممنهج على غرار مدرسة الآباء والأجداد والتي هي ولا شك مدرسة ثرية بالتجارب والناجحات ولكن في هذا الباب بالذات لم تعد صالحة حيث أصبح العالم لا يؤمن إلا بالعمل الاحترافي المتقن ذو الإطار العام الواضح والخطة التشغيلية الواضحة والاستراتيجيات المستقبلية الطموحة والإدارة المالية الحكيمة والتسويق الفعال والمنتج الجيد والخدمة الراقية والسعر العادل والموقع المدروس والديكور المناسب وغيرها من المعايير التي أصبحت من ضرورات هذا العصر المتسارع , وهي أيضاً أولويات مستهلك هذه الأيام الذي زاد سقف توقعاته عن السابق بكثير وأصبح علينا إرضائه مهما كلف الأمر .
ففي هذه الأسواق لا نعترف بالمثل الشائع القائل " رضى الناس غاية لا تدرك " إنما رضى الناس غاية تدرك , وبدل أن اخطط للوصول إلى سقف توقعات العميل
علينا أن نبهر العميل ونكون فوق سقف توقعاته سواء في عالم الخدمة أو السلعة أو الأفكار التي تدور حولها أعمالنا التجارية المختلفة.
ما هي التحديات التي يجب أن نتجنبها في عالم المشاريع الصغيرة الساحر ؟
1 غياب دراسات الجدوى والعمل بمنطق الحدس والتوقع !!من أكثر ما يجعل المشروعات الصغيرة في مهب الريح وعلى مرمى سهام الفشل والتقهقر وهو إغفال دراسات الجدوى الاقتصادية والاعتماد على الحدس والتوقع والحماس الغير مبني على أسس و الذي قد ينسينا أركان أي عمل تجاري مهما كان حجمه.
ولعلي من مشاهدات شخصية وقراءات مستفيضة في هذا الباب الحظ هنا وهناك مفاهيم خاطئة حول هذا الموضوع , حيث يعتقد البعض أن هذه الدراسات مكلفة جداً أو معقدة أو غير مجدية وهذا خطأ كبير يقع فيه شطر من المقبلين والمقبلات على عالم المشروعات الصغيرة ذو الفرص الكبيرة والأفكار الغنية والمستقبل الواعد .
وهنا أؤكد لكم أن الأمر في المشروعات الصغيرة أيسر مما تتوقعون وتستطيعون أنتم القيام بجزء كبير منها إذا توفرت المعلومات الكاملة , ولكم الاستعانة بالكثير من الجهات التي تدعم هذا التوجه فهي تقدم الكثير من الخدمات اللوجستية الداعمة للكثير من المقبلين على هذا الأمر إما مجاناً أو بأسعار رمزية مثل الغرف التجارية والصناعية المنتشرة أو صناديق الدعم وحاظنات الإعمال .
وتنقسم هنا دراسات الجدوى بدايةً إلى دراسة الفرصة المتاحة لهذا العمل المراد الإستثمار فيه ومن ثم يأتي بعد ذلك دراسة السوق ووضعه العام واحتياجاته ومن ثم الدراسة الفنية وهي متعلقة بالتجهيزات والآليات الواجب توافرها وخطوط الإنتاج وأخيراً الدراسة القانونية والنظامية للمشروع وهي تعنى بمدى مطابقة شروط هذا المشروع للاشتراطات والأنظمة واللوائح الرسمية للبلد والدراسة المالية هي متعلقة بتفاصيل تمويل المشروع وتكاليفه وإيراده المتوقع وربط تكاليف التأسيس وتكاليف التشغيل بالإيراد المتوقع لمعرفة الربح المستهدف وأخيراً الدراسة التنظيمية وقوى العمل وهي معنية بالعنصر البشري الواجب توفره لتشغيل المشروع أفضل تشغيل كماً وكيفاً بالإضافة إلى تنظيم وتقسيم المهام والمسئوليات وتحديد الحقوق والواجبات بين الجميع بما يخدم مصلحة العمل .
2 / غياب التخطيط والرؤيا المستقبلية :
وهي إشكالية كبرى تواجهه العمل في هذه المشاريع حيث يغلب على البعض التخبط والعشوائية والاجتهادات الشخصية والتخرصات وسيطرة العمل الفردي وغياب العمل الجماعي وغياب الهدف المستقبلي ( الرؤيا ) وعدم رسم خطوط المستقبلية للعمل , وهنا نتذكر المقولة الشهيرة " إذا فشلت في التخطيط فلقد خططت للفشل " فالمشاريع ذات الخطة والأهداف والرؤيا والرسالة غالباً ما تكون في خانة المشاريع المميزة أذا اكتملت المعادلة .
3 / البعد عن الإتقان كفكر والجودة كمخرجات :
وهي ولاشك أزمة تطل علينا في هذا العصر حيث يقل عند البعض الإيمان بأهمية الإتقان في العمل والإحسان إلى العملاء , ناهيك عن عدم إدراج أي أسلوب أو طريقة تمكن المستثمر من قياس جودة العمل والمخرجات العامة ورضا العميل خصوصاً في بعض أنواع الاستثمار من عالم الأطعمة والمأكولات والتي يعتبر فيها عدم رضا العمل عن كارثة مستقبلية قادمة حيث تبدأ ما يسمى الحرب الشعبية على المشروع وتكثر الروايات والشائعات وما يلبث العمل إلا أن يتوقف بسبب غياب الجودة والإتقان التي هو منهج أصيل في ديننا ولا شك .
4/ غياب التأهيل والتدريب على كيفية إدارة مثل هذه المشاريع والنجاح فيها :
قد تكون تاجراً بالفطرة وهذا ما يسرنا , ولكن يجب علينا أن نعلم ونفهم أنه هناك كل أربع دقائق معلومة جديدة حول العالم يجب أن نستفيد منها ونطوعها لصالح أهدافنا السامية في الحياة فلا تدخل المحيط وأنت لا تعرف أن تسبح واحرص على التأهيل والتدريب الذي يحقق لك إشباع في ما تحتاج من مهارات وقدرات وقناعات ومعلومات في مشروعك الصغير بحجمه والكبير بحلمه فاحذر من ادعاء معرفة كل شئ واعلم أنه كلاً ميسر لما خلق له فواصل التأهيل والتدريب بلا حدود أو قيود واعلم أنك تستثمر في نفسك عندما تطورها وتمكنها من الانطلاق .
5 / تداخل الحسابات الشخصية مع حسابات الاستثمار :
من الأخطاء الشائعة في عالم المشروعات الصغيرة تداخل الحسابات الشخصية مع حسابات الاستثمار وعدم الدقة في القضايا المادية وهذه كارثة حيث لا يمكننا أن نعرف الإيراد والإرباح والمصروفات والمبالغ الاحتياطية اللازمة لمواصلة العمل والتوسع فيه. وهي عناوين مالية مهمة لأي مقدم على هذا العالم المميز فلا تنسوها وإياكم من الإنفاق على حاجياتكم الشخصية من دخل المشروع إنما من الأرباح الذي تأتي من طرح الإيراد من المصروفات.
6 / إغفال أهمية التسويق والدعاية والإعلان :
يغفل جزء من أرباب المشروعات الصغيرة الاهتمام بحجر الزاوية لهذه المشروعات ألا وهو التسويق ويعتقد البعض أن إتقان فنون التسويق غير مهم وإنها هي مصاريف باهظة ليس لها إي أهمية ولكن أثبتت الدراسات و الأبحاث أن الناجحين في هذا الباب هم من يعتبرون الأموال التي أنفقت في التسويق بجميع مراحله والدعاية والإعلان هي استثمار له ما بعده من الإيرادات الكبيرة وليست مصروفات بلا مردود كما يعتقد البعض , فلا تنسى أن تستثمر في عوالم التسويق المذهلة وسوف نرى العجب .
7 / إغفال أهمية استقطاب الموارد البشرية المميزة والحفاظ عليها :وهو من الأخطاء الشائعة في عالم المشروعات الصغيرة حيث تكون السلعة أو الخدمة أو الأفكار المقدمة في هذا المشروع غاية في الروعة ولكن يغيب الموظف الكفء والمخلص والمتفاني الذي يقدمها للعميل !!
ناهيك عن وجود ملاحظات أخرى حول آلية اختيار الموظفين و تأهيلهم واختبار المميزات والسمات الشخصية والمؤهلات العامة التي يحملون ووضعها في المكان المناسب لكل هذه المقومات مع الإشارة بأنه يجب عدم تقديم أي تنازلات في حق إي موظف يسئ للمشروع أو رواده ومعالجة الأمر بحزم لأن ذلك سوف يهدد المشروع برمته مهما كان الخطأ صغيراً كما لا ننسى أهمية التحفيز في هذا الباب للموظفين المميزين .

8 / استعجال النتائج :
وهذا من الأخطاء التي تعكس مدى قلة الوعي نوعاً في من يديرون هذه المشروعات حيث يحكم البعض على المشروع من أول شهر أو 3 أشهر أو حتى 6 أشهر وهذا غير كافي على الإطلاق للحكم على السوق ونجاح المشروع وتذكر دوماً المقولة الشهيرة " لا تنتظر الربح في عامك الأول " فسنة التأسيس لها خصوصيتها وهي مرحلة تحتاج إلى صبر وجهد و حسن إدارة ومن ثم سوف تأتي مرحلة قطف الثمار بأذن الله .
9 / عدم سرعة معالجة الأخطاء وتداركها :
وهنا تتراكم المشاكل والتحديات ويصبح العمل يعاني من الكثير من الصعوبات , فحل كل مشكلة أو صعوبة أو ظرف في وقته سوف يجعل النتائج والمخرجات أفضل وأجواء العمل أكثر ملائمة و راحة واستقرار, ولا تنسى أن المشكلات مثل كوره الثلج تبدأ صغيرة وسهلة التفتيت وتنتهي كبيرة وقاصمة للظهر.
10 / ضعف الرقابة والإهمال :
تعاني الكثير من المشروعات الصغيرة الفاشلة حول العالم والتي أقفلت أبوابها ورحلت عن السوق من إشكالية كبيرة في قضية الرقابة خصوصاً في الأمور المادية , وهذا من شأنه ظهور الكثير من ظواهر التسيب والانفلات الإداري والتلاعب والتظليل المادي وعليه فيجب وضع نظام رقابة شامل لا يستفز الموظفين ولكن يحفظ حقوق ومكانة المشروع ويعكس الواقع الحقيقي للعمل والإنتاج ناهيك عن كشف أي أخطاء أو عيوب مبكراً وعندها يسهل العلاج وتقديم الحلول .
"محبرة الحكيم"

عند البداية في مثل هذه المشاريع لابد أن نكون متفائلين وصادقين ومتقنين , فطريق الألف ميل يبدأ بخطوة , والمليون الأول يبدأ من أول قرش يدخل إليكم عبر هذا العمل وتذكروا أن الأعمال العظيمة والكبيرة والقيمة هي من تجاوزت التحديات بكل ثبات وعزم وإيمان , وضعوا تجربة شركة وولت دزني العالمية أمام أعينكم , فقد أعلن السيد وولت دزني الإفلاس 5مرات في تاريخه وعاد ولم يرفع العلم الأبيض استسلاماً بل أدرك تماماً أن الاستسلام الحقيقي للإنسان عندما ينسحب وليس عندما يخسر.

 
مشروعك الصغير .. النجاح رغم التحديات


رجال من المريخ و نساء من الزهرة
كتاب مهم جدا لكل من يريد فهم المرأة أو الرجل

 

في شهر مايو من عام 1995 نشرت أول نسخة من كتاب "رجال من المريخ و نساء من الزهرة" من تأليف جون جراي، خبير التواصل الأمريكي، الذي قضى وقتاً طويلاً كمعالج نفسي يُساعد الأزواج على تخطي المشاكل التي تواجههم ليجمع خلاصة خبرته وملاحظاته في ذلك الكتاب الشيق والمفيد، والذي أحدث ضجة وتغييراً في شكل العلاقات الزوجية، ليتم طبعه في خمس وأربعين لغة مختلفة، وبيع أكثر من أربعين مليون نسخة حول العالم، إلى جانب تربّعه على قائمة مبيعات كتب التنمية الذاتية والعلاقات حتى يومنا هذا .


يبدأ جون كتابه بفرضية مثيرة وخيالية: أنه في الأصل كان النساء يعيشون على كوكب الزهرة؛ حيث كانت حياتهم مختلفة تماماً عن حياة الكائنات المعمّرة لكوكب المريخ وهم الرجال، ثم يستعرض نمط الحياة والسلوكيات على كل من الكوكبين قبل أن ينزلوا إلى كوكب الأرض، ويختلطوا متناسيين كمّ الاختلافات فيما بين الجنسين لتبدأ المشاكل في الظهور .

ببساطة يحاول جون هنا أن ينبهنا إلى الاختلافات بين الجنسين التي بتجاهلها أو بالجهل بطبيعتها؛ فإننا ندمّر علاقاتنا بافتراض أننا متشابهون في السلوكيات وردود الفعل؛ بينما الواقع أننا مختلفون
الكتاب يمتلئ بالأمثلة شديدة الواقعية والتي توضّح ماهية تلك الفروق وكيفية تفهّمهما لجعل حياتنا أسهل .

 

 الفروق الكبيرة: استخدام اللغة و طريقة التعبير
عند كل من شعبي الزهرة والمريخ تعبيرات مختلفة تماماً؛ فبينما تميل النساء للتعميم "إننا لا نخرج أبداً سوياً" يميل الرجال للتحديد "لقد ذهبنا للسينما الخميس الماضي"، وحين تقول المرأة "أشعر أنني وحيدة.. أنت مشغول طول الوقت"؛ فهي تعني "أنا أحبك وأفتقدك وأحتاج لقضاء بعض الوقت معك"؛ في حين أن ما يفهمه الرجل المريخي من جملتها هو "أنا تعيسة معك أنت لا فائدة منك ولم تحقق لي ما كنت أتمنّاه"؛ فينقلب إلى الدفاع، ويتحوّل الموقف إلى مشاجرة؛ فقط لأن كلاً منهما يتكلّم لغة مختلفة ولا يتفهّم لغة الآخر، وتفهّم تلك اللغة الأخرى هو المدخل لفهم باقي الاختلافات .

 التعامل مع الضغوط: الحاجة للعزلة والحاجة للحديث
يحدّثنا جون جراي أنه على كوكب الزهرة حين كانت المرأة تشعر بالضيق؛ فإنها تجمع أفراد القبيلة وتقوم بالحديث عما يضايقها؛ فالكلام عن المشكلة بالنسبة لها كالتفكير بصوت عالٍ، وبعد عرض المشكلة من جميع جوانبها والكثير من التعاطف من أخواتها في القبيلة تشعر بتحسّن؛ حتى وإن لم تختفِ المشكلة؛ فالمرأة حين تتحدّث عن مشكلة لا تبحث عن حل، فالحديث في حد ذاته يجعلها قادرة على مواجهة الموقف
هي فقط تحتاج للتعاطف والمساندة؛ فإذا اشتكت زوجتك من شيء ما لا تحاول إعطاءها حلولاً؛ فهذا آخر شيء تريده منك، فقط استمع لما تقول, هزّ رأسك بتفهّم وأعطِ إشارات صوتية مثل: نعم, ها, حقاً, يا إلهي, معقولة؟

 

تفاعل معها واجعلها تشعر أنك تفهم معاناتها، وأنها محبوبة.. وستشعر على الفور كم سيعني لها ذلك
على عكس الرجل؛ ففي كوكب المريخ حين كان الرجل المريخي يُواجه مشكلة؛ فإنه يدخل إلى كهفه وينعزل إلى أن يخرج وفي ذهنه حل المشكلة؛ فالرجل لا يتحدّث عن المشكلة إلا إذا كان يطلب لها حلاً؛ فإذا لمستِ زوجك متغيراً وسألتِه عما يزعجه وجاء ردّه "لا شيء"؛ فإن ذلك لا يعني أنه يبعدك عن حياته، ولا يعني أنه قد توقّف عن حبك؛ فترجمة تلك الجملة هي "عندي مشكلة صغيرة، ولكني قادر على مواجهتها.. شكراً على سؤالك.. أنا فقط أحتاج لبعض الوقت لأتخلص من توتري وأتعامل معها .

 

لا تقتحمي كهف الرجل حين يحتاج للانسحاب؛ فأنتِ بذلك ترفعين مستوى الضغط عليه, اتركيه ينسحب قليلاً وابحثي عما يشغلك في تلك الفترة، وسيقدّر لك تفهّمك ويخرج من كهفه أسرع

 طريقة حساب نقاط الحسنات
هناك اختلاف آخر يسبب الكثير من سوء الفهم, وهو كيف يحسب كل من الجنسين النقاط لبعضهم البعض؛ فالنساء يحسبن كل فعل لطيف وكل هدية بنقطة واحدة؛ بينما يعطي الرجل درجات مختلفة تبعاً لنوع الفعل وحجمه
وعدم فهم تلك الطريقة المختلفة في الحساب يجعل ميزان النقاط يختلّ في نقطة ما؛ فيشعر أحدهما -الرجل أو المرأة- أنه يقدّم أكثر مما يأخذ بكثير؛ فيبدأ سوء الفهم والمشاكل
فمثلاً إذا أهدى الرجل زوجته سيارة؛ فإنه قد يحسب الهدية الكبيرة تلك بـ20 نقطة يعوّل عليها طويلاً، ويظنّ أن رصيد حسناته لديها كافٍ لوقت طويل؛ بينما يحسب مساعدتها في غسيل الأواني بنقطتين, أما المرأة فتحسب نقطة واحدة في الحالتين؛ فبدلاً من أن تفاجأ بثورتها احرص من البداية على أن تعطي زوجتك نقاطاً يومية: أهدها وردة, اكتب كلمة حب, حضّر الطعام يوم إجازتك.. إلخ
ولا تظن أن فعلاً واحداً كبيراً سيعفيك من الأشياء الصغيرة؛ لأنه عند حبيبتك سيظلّ فعلاً واحداً يساوي نقطة واحدة
ولتعلمي أن زوجك يقدّر بعض الأفعال أكثر من الأخرى ويعطيها نقاطاً أعلى تثقل رصيدك في قلبه؛ فحين تغفرين له خطأ كبيراً, أو تتفهمي ثورة غضب غير محسوبة؛ فإن ذلك قد يزيد درجاتك 50 نقطة كاملة؛ فاحرصي أن تتفهمي طبيعة زوجك، ولتتعلمي ما الذي يقيّمه من أفعال أكثر من الأخرى .

 

حقيقة الكتاب مفيد للغاية لتنمية التواصل ما بين الجنسين وينصح به لكل المتزوجين حديثاً أو من يستعدون للزواج؛ فهو يوفّر دليلاً رائعاً لكل من الرجل والمرأة لتفهّم الاختلافات فيما بينهم لتفادي سوء التفاهم والارتباك اللذين قد يواجهانه في حالة جهلهم بتلك الاختلافات التي قد تثري حياتنا وتجعلها أجمل، وقد تحوّلها إلى جحيم من المشاجرات
الكتاب مترجم إلى اللغة العربية ومتوفّر بالمكتبات؛ فلا تفوّتي فرصة التعرّف على الفروق ما بين سكان كوكبي المريخ والزهرة .

 

الرجال من المريخ - النساء من الزهرة (نص الكتاب)

 

الرجال من المريخ - النساء من الزهرة

المؤلف : د. جون غراى
عرض : دنيـا ماهـر
الطبعة : مايو / 1995
الناشر: مكتبة جرير
 

ميت ألف فرصة عشان أسيب مصر... ولا عمري سبتها

علشان هي بلادي... إللي بجد بحبها

بحبها بكدبها وصدقها

بحب فيها أصالة وندالة أهلها

بحب فيها السهر

بحب زيفها وأصلها

بحب فيها طلعة الشمس... تنور وشها

بحب فيها القمر... طالع يغازل حسنها

بحب فيها المشي... على شط نيلها وبحرها

بحب فيها بناتها... راسمين ملامح شعبها

دي بنت مايصه... وحاطه ورده فـ شعرها

ودي بنت جد... ونازله جري لشغلها

هتلاقي فين بلد فيها الكنايس والجوامع... بتحضن بعضها

مسلم مسيحي... إخوات راضعين طيبة من صدرها

نبع الحنان... ويناموا حاضنين أرضها

هتلاقي فين تاني... بلد كل حاجه فيها تخليك تحبها

هتقولي ظالمه... هقولك برضو بحبها

هتقولي ضالمه... ما هو ده سواد شعرها

هتقولي زحمه... هقولك علشان بنعشق أرضها

هتقولي فيها فساد... هقولك ده من طيبة شعبها

جرب كده تسهر ولو وحدك على ضف نيلها... وحبها

جرب تشوف بنت حلوه مع شاب واقف جمبها بيحبها... شايل في قلبه هموم الدنيا كلها... وبرضو بيحبها

جرب كده تاكل دره وترمس على شطها... وتشوف وشوش الناس واضحك زيها

طب وانت ماشي لوحدك ووقعت في مشكله... مش بتلاقي ألف واحد جمبك بيحلها... لا تعرفهم ولا يعرفوك بس جمعكم حبها

أهي هي دي مصر...

زاحمه ظالمه...

فاسده ضالمه...

مش مهم...

ده كفايه خفت دمها...

هأفضل لمصر أقول وأعيد...

أنا أصلي عاشق أرضها...

وطبعا ده كله كلام في الهوا...

أنا لو تجيني نص فرصة هقول لها...

بالسلامه يا مصر...

ومش عايز أشوف وشها...

وهي دي بقى ندالة أهلها...

 


 

ذهبت انا الى بيت الله، بينما دعاك الله الى بيته

 

 

 

بعد انتهاء مراسم الحج وانفضاض الحجيج كل في حال سبيله اكتظ المطار بالحجاج العائدين الى بلادهم وهم ينتظرون طائراتهم لتقلهم الى الأحباب الذين ينتظرونهم بفارغ الصبر , جلس سعيد على الكرسي وبجانبه حاج آخر فسلم الرجلان على بعضهما وتعارفا وتجاذبا أطراف الحديث حتى قال الرجل الآخر :

 

- والله يا أخ سعيد أنا أعمل مقاولا وقد رزقني الله من فضله وفزت بمناقصة أعتبرها صفقة العمر وقد قررت أن يكون أداء فريضة الحج للمرة العاشرة  أول ما أفعله شكرا لله على نعمته التي أنعم بها عليّ وقبل أن آتي الى هنا زكيت أموالي وتصدقت كي يكون حجي مقبولا عند الله .ثم أردف بكل فخر واعتزاز :

- وها أنا ذا قد أصبحت حاجا للمرة العاشرة

أومأ سعيد برأسه وقال :

-  حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا إن شاء الله

ابتسم الرجل وقال :

- أجمعين يارب وأنت يا أخ سعيد هل لحجك قصة خاصة ؟

أجاب سعيد بعد تردد :

- والله يا أخي هي قصة طويلة ولا أريد أن أوجع رأسك بها

ضحك الرجل وقال :

- بالله عليك هلا أخبرتني فكما ترى نحن لانفعل شيئا سوى الإنتظار هنا .

ضحك سعيد وقال :

- نعم, الإنتظار وهو ما تبدأ به قصتي فقد انتظرت سنوات طويلة حتى أحج فأنا أعمل منذ أن تخرجت معالجا فيزيائيا قبل 30 سنة وقاربت على التقاعد وزوّجت أبنائي وارتاح بالي ثم قررت بما تبقى من مدخراتي البسيطة أداء فريضة الحج هذا العام فكما تعرف لايضمن أحد ماتبقى من عمره  وهذه فريضة واجبة .

رد الرجل :

- نعم الحج ركن من أركان الاسلام وهو فرض على كل من استطاع إليه سبيلا .

أكمل سعيد :

- صدقت , وفي نفس اليوم الذي كنت أعتزم فيه الذهاب الى متعهد الحج بعد انتهاء الدوام وسحبت لهذا الغرض كل النقود من حسابي, صادفت إحدى الأمهات التي يتعالج ابنها المشلول في المستشفى الخاص الذي أعمل فيه وقد كسا وجهها الهم والغم وقالت لي أستودعك الله يا أخ سعيد فهذه آخر زيارة لنا لهذا المستشفى , استغربت كلامها وحسبت أنها غير راضية عن علاجي لإبنها وتفكر في نقله لمكان آخر فقالت لي لا يا أخ سعيد يشهد الله أنك كنت لإبني بحنان والده وقد ساعده علاجك كثيرا بعد أن كنا قد فقدنا الأمل به .

اسغرب الرجل وقاطع سعيد قائلا :

- غريبة , طيب إذا كانت راضية عن أدائك وابنها يتحسن فلم تركت العلاج ؟

أجابه سعيد :

- هذا ما فكرت به وشغل بالي فذهبت الى الإدارة وسألت المحاسب عن سبب ماحدث وإن كان بسبب قصور مني فأجابني المحاسب  بأن لاعلاقة لي بالموضوع ولكن زوج المرأة قد فقد وظيفته وأصبح الحال صعبا جدا على العائلة ولم تعد تستطيع دفع تكاليف العلاج الطبيعي فقررت ايقافه .

حزن الرجل وقال :

- لاحول ولا قوة إلا بالله , مسكينة هذه المرأة فكثير من الناس فقدت وظائفها بسبب أزمة الإقتصاد الأخيرة , وكيف تصرفت يا أخ سعيد ؟

أجاب سعيد :

- ذهبت الى المدير ورجوته أن يستمر بعلاج الصبي على نفقة المستشفى ولكنه رفض رفضا قاطعا وقال لي إنّ هذه مؤسسة خاصة تبتغي الربح وليست مؤسسة خيرية للفقراء والمساكين ومن لايستطيع الدفع فهو ليس بحاجة للعلاج .

خرجت من عند المدير حزينا مكسور الخاطر على المرأة وابنها خصوصا أن الصبي قد بدأ يتحسن وايقاف العلاج معناه إنتكاسة تعيده الى نقطة الصفر , وفجأة وضعت يدي لا إراديا على جيبي الذي فيه نقود الحج , فتسمرت في مكاني لحظة ثم رفعت رأسي الى السماء وخاطبت ربي قائلا :

اللهم أنت تعلم بمكنون نفسي وتعلم أن ليس أحب الى قلبي من حج بيتك وزيارة مسجد نبيك وقد سعيت لذلك طوال عمري وعددت لأجل ذلك الدقائق والثواني ولكني مضطر لأن أخلف ميعادي معك فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم .

وذهبت الى المحاسب ودفعت كل مامعي له عن أجرة علاج الصبي لستة أشهر مقدما  وتوسلت اليه أن يقول للمراة بأن المستشفى لديه ميزانية خاصة للحالات المشابهة .

أدمعت عين الرجل :

- بارك الله بك وكثّر من أمثالك, ولكن إذا كنت قد تبرعت بمالك كله فكيف حججت إذا ؟

قال سعيد ضاحكا :

- أراك تستعجل النهاية , هل مللت من حديثي ؟ اسمع ياسيدي بقية القصة , رجعت يومها الى بيتي حزينا على ضياع فرصة عمري في الحج وفرح لأني فرّجت كربة المرأة وابنها ونمت ليلتها ودمعتي على خدي فرأيت نفسي في المنام وأنا أطوف حول الكعبة والناس يسلمون عليّ ويقولون لي حجا مبرورا ياحاج سعيد فقد حججت في السماء قبل أن تحج في الأرض  , دعواتك لنا ياحاج سعيد , حتى استيقظت من النوم وأنا أحس بسعادة غير طبيعية على الرغم من أني كنت شبه متأكد أني لن أتشرف  , بحج بيت الله ...فحمدت الله على كل شيء ورضيت بأمره .

وما أن نهضت من النوم حتى رنّ الهاتف وكان مدير المستشفى الذي قال لي :

- ياسعيد أنجدني فأحد كبار رجال الأعمال  يريد الذهاب الى الحج هذا العام وهو لايذهب دون معالجه الخاص الذي يقوم على رعايته وتلبية حاجاته,  وزوجة معالجه في أيام حملها الأخيرة ولا يستطيع تركها فهلا أسديتني خدمة وذهبت بدلا عنه ؟ لا أريد أن أفقد وظيفتي اذا غضب مني فهو يملك نصف المستشفى .

قلت له بلهفة :

- وهل سيسمح لي أن أحج ؟

فأجابني بالموافقة فقلت له إني سأذهب معه ودون أي مقابل مادي , وكما ترى فقد حججت وبأحسن مايكون عليه الحج وقد رزقني الله حج بيته دون أن ادفع أي شيء والحمد لله وفوق ذلك فقد أصر الرجل على اعطائي مكافأة مجزية لرضاه عن خدمتي له وحكيت له عن قصة المرأة المسكينة فأمر بأن يعالج ابنها في المستشفى على نفقته الخاصة وأن يكون في المستشفى صندوق خاص لعلاج الفقراء وفوق ذلك فقد أعطى زوجها وظيفة لائقة في احدى شركاته .

نهض الرجل وقبّل سعيد على جبينه :

- والله لم أشعر في حياتي بالخجل مثلما أشعر الآن يا أخ سعيد فقد كنت أحج المرة تلو الأخرى وأنا أحسب نفسي قد أنجزت شيئا عظيما وأن مكانتي عند الله ترتفع بعد كل حجة  ولكني أدركت لتوي أن حجك بألف حج من أمثالي فقد ذهبت أنا الى بيت الله  بينما دعاك الله الى بيته  ومضى وهو يردد:

 غفر الله لي, غفر الله لي


 


 

 

 



 

 

 

 
 
وهم التحكم

يلخص الكتاب جملة من الأسباب الكامنة وراء نزوع السياسة الأميركية للجوء إلى القوة لدعم وإسناد المصالح الأميركية، وينفي أن تكون هذه النزعة إلى العنف لدى الولايات المتحدة الأميركية مرتبطة بأحداث 11 سبتمبر/ أيلول، بل يؤكد أنها بدأت قبل ذلك، وأنها مرتبطة بالتفوق العسكري التكنولوجي الأميركي المغري باستخدام القوة والسعي للهيمنة العالمية.

القوة والسياسة الخارجية الأميركية
دأب صانعو القرار والسياسات الأميركية على إبداء قدر كبير من الرغبة في استخدام القوة العسكرية أداة في السياسة الخارجية على نحو يفوق كثيرا التهديدات الإرهابية الموجهة ضد الولايات المتحدة الأميركية.

تقوم دبلوماسية عرض القوة على ثلاث تطورات أساسية، هي:
1- التحديات الجديدة المتوقعة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، والتي تدعو إلى استباقها بعمل عسكري وقائي يمنع بروز أقطاب عالمية جديدة تنافس الولايات المتحدة الأميركية.
2- العداء المتنامي للولايات المتحدة الأميركية، والرغبة العالمية الكبرى بتقليل أو إلغاء هيمنتها وقيادتها العالمية تولد ردود أفعال لدى المسؤولين الرسميين تجاه العمل العسكري المفرط والاستعراضي.
3- التطور التكنولوجي القائم على المعلوماتية والذي جعل من الإمكانات والخيارات العسكرية أمرا مدهشا ومغريا.

تحولات الإستراتيجية الأميركية
شهدت إستراتيجية الأمن القومي الأميركي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أربع حلقات رئيسة،

 أولها اعتبار الشؤون العسكرية شأنا دبلوماسيا للتعامل مع تحول الحرب إلى تدمير كلي، لتكون الترسانة العسكرية الأساسية محصورة بردع الحرب، واعتبار قيامها إخفاقا مرعبا للدبلوماسية.

وجاء التحول الثاني ردا على التفكير المستند إلى مفهوم الردع ناتجا عن الحاجة المتصورة إلى تطوير خيارات عسكرية لا تنطوي على حرب شاملة من أجل التصدي للحركات التوسعية للاتحاد السوفياتي وحلفائه، وتعبر عن هذا التحول الحرب الكورية في الخمسينيات التي كانت حربا محدودة لغايات الرد المرن والتصعيد التدريجي لتفعيل الردع أساسا.

وجاء التحول الثالث بعد الإخفاق الأميركي في فيتنام، وقد عبر عن السياسة الجديدة وزير الدفاع الأميركي الأسبق كاسبار واينبرغر عام 1984، وتقوم على عدم الدخول في حرب إلا في حالة الدفاع عن المصالح الأميركية الحيوية، وعندما تكون الحرب هي الملاذ الأخير، مع توفير التأييد الشعبي الكافي والغطاء البرلماني والالتزام بتأمين الموارد اللازمة لتحقيق الهزيمة الساحقة للعدو.

وجاء التحول الرابع في الفترة الثانية من ولاية الرئيس كلينتون، وهو توسيع مجال مفهوم الأمن القومي ليصبح شاملا أكثر من الولايات المتحدة والأمكنة والمرافق الخارجية ذات الأهمية الجوهرية لأمن ورخاء الولايات المتحدة الأميركية، واعتبرت القوة العسكرية أداة طيعة في خدمة الدبلوماسية بدلا من أن تكون نقيضتها.

البنية المتغيرة للسياسة العالمية
لا تبدو التهديدات الموجهة إلى مصالح الولايات المتحدة الأميركية والتي تسوغ ردا عسكريا غير مرشحة أن تصدر عن قوة كبرى باستثناء الصين أو روسيا، وعلى المدى المنظور في المستقبل تبقى مصادر التحركات المهددة لمصالح الولايات المتحدة الأميركية من قوى متوسطة أو حركات سياسية عنفية، فالتهديد الواقع أو المحتمل ليس بأساطيل وجيوش .

فبينما تتكاثر التهديدات الموجهة إلى مصالح الولايات المتحدة الأميركية يتمخض تحول سياسة العالم من الثنائية القطبية للحرب الباردة إلى نظام بلا أقطاب عن النتيجة المتمثلة بجعل استخدام الولايات المتحدة يبدو أقل خطرا، ففي ظل نظام الحرب الباردة كانت الحرب في أي مكان تنطوي على احتمال شمل العالم كله، أما في ظل النظام التعددي القائم على اللامركزية بتحالفاته المهلهلة والمتقاطعة والمتداخلة، فإن الولايات المتحدة الأميركية تستطيع أن تتدخل في الصراعات المحلية أو تبقى خارجها دون أي خوف من التسبب بأي حريق عالمي.

وبقيت ردود أفعال الولايات المتحدة الأميركية على البنية المتغيرة للسياسة العالمية مضطربة ومفتقرة إلى الاطراد والثبات، فالردود الأميركية العاكسة لسلسلة من التغييرات في القيادة والنظرة العالمية على أعلى المستويات في صنع القرارات السياسية منذ أواخر ثمانينيات القرن العشرين ظلت تتقلب على امتداد بعدين اثنين: بعد تعددي مقابل بعد أحادي، وبعد انعزالي مقابل تعد تدخلي قائم على عقيدة السلام الأميركي، وكان ثمة تحول غامض عن التعددية نحو الأحادية، وعن نزوع انعزالي نحو الاضطلاع بدور الشرطي العالمي.

الشكل المتغير للحرب
تختلف القدرات العسكرية المطلوبة لمواجهة تهديدات عالم التعددية القطبية عن القدرات التي كانت مطلوبة لاحتواء قوة عظمى واحدة منافسة، وقد أدت الابتكارات العسكرية إلى إغراء صانعي القرار الأميركي باستخدام القوة استباقا لتأمين المصالح الأميركية الواسعة وخدمة أغراضها فيما يخص النظام العالمي العام.

وظل الإستراتيجيون ودارسو الشؤون العسكرية دائبين على مناقشة الابتكارات المطلوبة أو الحاصلة، وكل هذا يبقى أقل أهمية من التوجه الأساسي للتغير، فقد أظهرت تطورات ذات شأن كما في أفغانستان ضرورة توسيع دائرة الحرب لتشمل مزيدا من الخيارات على الصعيدين الدموي وغير الدموي، ومزيدا من التمايز في طيف الحرب، من حيث النمط ودرجة العنف، ومزيدا من التنسيق بين الأسلحة والأجهزة المختلفة والعمليات المشتركة في جميع البيئات الأرضية والبحرية والجوية والفضائية، ومزيدا من التكامل في القيادة والتحكم رأسيا من القيادات العليا إلى نظيرتها المنطقية والوظيفية وصولا إلى القوات الميدانية، وأفقيا فيما بين القيادات والوحدات القتالية الميدانية.

وتساعد تكنولوجيا المعلوماتية في تحقيق وعد التكامل والمرونة للعمليات، فثمة طائرات بلا طيارين، وقدرة متنامية على القتال على نحو مستقل، وأسلحة موجهة بدقة مطلقة من منصات بعيدة مقلصة الحاجة إلى الاختيار بين اختزال الإصابات في صفوف الجنود الأميركيين إلى الحدود الدنيا، وتقليص الخراب الجانبي بالمدنيين في المنطقة المستهدفة.

تراث الحرب العادلة
تقتضي تقاليد الحرب العادلة وتراثها ألا تصدر الأوامر إلى قوات البلاد المقاتلة إلا بعد أن يمر القرار بعدد من الاختبارات الصارمة، وأن تكون الحرب لأجل قضية عادلة وبنوايا سلمية، ويجب أن تتخذ القرار كيانات سياسية تحظى بقدر واسع من الاعتراف بأنها صاحبة حق في إلزام أتباعها بخوض المعارك، أي أنها سلطة شرعية وصحيحة، ويجب أن يكون التحرك العسكري مدروسا من قبل خبراء متمكنين، ويقررون احتمال نجاحه.

ويفرض التراث كذلك جملة من المبادئ المصممة لإبقاء الحروب بعد إطلاقها في منأى عن الانزلاق إلى مهاوي نوبات التدمير، ومن ذلك حصانة المدنيين، فيحظر قتل أو جرح من ليس طرفا في قوات العدو المقاتلة.

ولكن التوجهات السياسية والتقنية الصاعدة جعلت تعاليم الحرب العادلة أكثر لبسا وتعقيدا، فإذا كانت الترسانة الأميركية تشتمل على قائمة طويلة من الأسلحة التي يمكن إصابة الهدف بها بدقة دون مخاطرة بإلحاق الأذى بالمدنيين والمنشآت المدنية، فهل يؤدي ذلك إلى اختزال الأهمية الأخلاقية والمعنوية لعبور العتبة الفاصلة بين الإكراه غير العنيف والحرب؟

ثمة توجهات سياسية وعسكرية راهنة أخرى تشير إلى ضرورة إعادة تأكيد مبادئ تراث الحرب العادلة وتعزيزها وتكييفها بما يجعلها متناغمة مع الظروف المعاصرة، ومع صيرورة الحرب التي زاد اعتمادها على التكنولوجيا المعلوماتية فإن كثيرا من الأعمال التي تعتمد عليها الحرب يقوم بها مدنيون، وكذلك فإن تدمير البنى التحتية للعدو مثل الطرق والجسور والسكك الحديدية والسدود بهدف تدمير إرادة العدو وإضعاف قدرته على القتال يثير سلسلة من قضايا الحرب العادلة.

ويصعب التمييز تماما بين العسكري والمدني، وبخاصة في حالة الاستخدام المشترك للمدارس والمستشفيات والمؤسسات الدينية.

الاستخدام الحكيم للقوة العسكرية
يقدم المؤلف أفكارا لترشيد الحرب المعاصرة، وأهمها الفصل بين الدبلوماسية وبين العنف والحرب، والوزن المتأني لجملة القيم المعرضة للخطر، وتقويم البدائل غير العسكرية، وتحليل التكاليف والمخاطر لسلسلة العمليات العسكرية المخططة قبل إقحام البلاد في أنواع الحرب، وضرورة أن تكون الولايات المتحدة الأميركية مستعدة بكل ما هو مطلوب فيما بعد الحرب من مسؤوليات وموارد لاستعادة الحد الأدنى من الحياة المتحضرة.

على الأقل حيثما تعرضت هذه الحياة للتمزق الشديد بسبب الحرب، والالتزام بقواعد الحرب التي تحرم مواجهة المدنيين العزل، وتوسيع دائرة التحريم لتشمل الهجمات غير المباشرة، والوضوح في تحديد وتعزيز "قواطع النار" بين الأنواع والمستويات المختلفة للحرب.

مع التأكد من انعكاسها بوضوح على عمليات الانتشار والإستراتيجيات والتدريب العسكري والألعاب الحربية، وإدخال التعليمات السابقة في عمليات البحث واتخاذ القرارات التي تلعب دورا حاسما في حل مسألة استخدام القوة وكيفية استخدامها داخليا ودوليا.

مراجعة الإستراتيجية الأميركية بعد أحداث 11 سبتمبر
قدم بول ولفويتز نائب وزير الدفاع الأميركي شهادة أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وعرض فيها جملة التوجهات الجديدة الواردة في مراجعة الإستراتيجية العسكرية للولايات المتحدة الأميركية، وتندرج في أربع نقاط:

1- الإعداد لمسرح حربين كبيرتين قائم على الاحتفاظ بقوات قادرة في وقت واحد تقريبا على اجتياح واحتلال عاصمتي خصمين إقليميين وتغيير نظامهما، والردع في أربعة مسارح حساسة، مدعوما بالقدرة على إلحاق الهزيمة السريعة ببلدين معتديين في الإطار الزمني نفسه، مع الحفاظ على خيار هجوم كبير واحد لاحتلال عاصمة بلد معتد واستبدال نظامه، وبإلغاء شرط الاحتفاظ بقوة احتلال ثانية نكسب قدرا من المرونة في التخطيط لطيف أوسع من الاحتمالات، كما نكسب مرونة أكثر في التطلع إلى المستقبل.

2- وضع إطار جديد قابل لطرح مخاطر أخرى على بساط البحث، وحددت هذه المخاطر بأربعة أصناف: إدارة القوى المتعلقة بكيفية الحفاظ على الشعب الأميركي والمعدات والبنى التحتية الأميركية، والمخاطر العملياتية ذات العلاقة بقدرة القوات الأميركية على إنجاز المهمات المطلوبة في الخطط العسكرية قريبة المدى، والتحديات المستقبلية الخاصة بالتطلعات مع التغييرات المطلوبة اليوم والتي تتيح فرصة التعامل مع التحديات العسكرية التي ينطوي عليها المستقبل، والمخاطر المؤسساتية المرتبطة بالإمكانيات المفتقرة إلى الكفاءة وبشروط الدعم المفرطة التي تعرض للخطر قدرة القوات الأميركية المرتبطة بالإمكانيات المفتقرة إلى الكفاءة وبشروط الدعم المفرطة التي تعرض للخطر قدرتها على استخدام الموارد بكفاءة.

3- التحول من التخطيط القائم على أساس التهديد إلى نموذج التخطيط على أساس القدرات، وذلك لمواجهة حالة عدم اليقين من التهديد القادم ومكانه والقائمين عليه، ولكن يمكن تحديد القدرات التي يمكن للأعداء أن يهددوا بها.

4- تحسين قدرة القوات الأميركية على الهيمنة على أرض المعركة بإجراء تغييرات جذرية وثورية في تقنيات السلاح والأدوات، والتغلب على تحديات المسافات البعيدة والجغرافيا، والحصول على ميزات جديدة لا نظير لها واختزال كثير من نقاط الضعف القائمة.

وحددت الإستراتيجية الجديدة أيضا ستة أهداف هي:


1- الدفاع عن الولايات المتحدة الأميركية وقواعد العمليات الأخرى، وإلحاق الهزيمة بالأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية ووسائل إيصالها.
2- حرمان الأعداء من الملاذات الآمنة، وتجريدهم من القدرة على الفرار والتخفي في أي وقت وفي أي مكان.
3- نشر وإبقاء قوات في مسارح نائية في مواجهة أخطار الحرمان من إمكانية الوصول.
4- إجراءات فعالة في الفضاء.
5- إجراء عمليات معلوماتية ناجحة .
6- تفعيل تكنولوجيا المعلومات لتمكين القوات الأميركية من امتلاك صورة عملياتية مشتركة.

المصدر : الجزيرة

 


 

الشيخ ياسين التهامى
بسم الله الرحمن الرحيم
ولد الشيخ ياسين في 6 / 12 / 1949 م ببلدة الحواتكة – مركز منفلوط – محافظة أسيوط
والحواتكة هي إحدى قرى مركز منفلوط الكبيرة , يجمع أهلها رباط الاتحاد والتعاون , وإن اختلفت وجهات نظرهم يعمل أهلها بالزراعة والصناعة . ولدى طائفة منهم وعي سياسي وثقافي
وقد قال عنها علي باشا مبارك – في الخطط التوفيقية
قرية كبيرة من مديرية أسيوط بقسم منفلوط , على الشاطئ الغربي للنيل في شرقي الإبراهيمية في جنوب منفلوط بأقل من ساعة , وأبنيتها من أحسن الأبنية الريفية , وفيها قصور مشيدة وبها نخيل وأشجار وجنات , وأطيانها جيدة المحصول
وبها مساجد جامعة ومساجد غير جامعة منها مسجد السلام ومسجد الشيخ أبي الحسن المحمدي , ومسجد الشيخ التهامي – وله مئذنة تعد أعلى مئذنة بالوجه القبلي بالصعيد
وبقرية الحواتكة العديد من أضرحة أولياء الله الصالحين , وتقام لهم موالد سنوية , يستقبل فيها أهالي القرية الرواد من كافة أنحاء الجمهورية , وتظل القرية في أفراح طوال أيام الموالد من كل عام
ومن الأضرحة الموجودة بها : ضريح الشيخ التهامي حسانين [ وهو والد الشيخ ياسين التهامي ] وضريح الشيخ أبي الحسن المحمدي , والشيخ عبد رب النبي , والشيخ الحلوى , والشيخ الريدي وغيرهم
ومعظم أبناء القرية ينتمون إلى الطرق الصوفية ومن عشاق ومحاسيب آل البيت , ويقومون بإقامة الخدمات أثناء موالدهم

النشأة وتأثيرها على شخصية الشيخ


نشأ الشيخ في بيت ديني وعائلة ينتسب أهلها إلى التدين , وأهم هذه العائلة هو والد الشيخ , الذي كان من أولياء الله الصالحين ومن الزهاد والعابدين بشهادة كل من رآه
وكان لهذا الجو الديني تأثير عميق في نفس شيخنا , فقد نشأ وتربى في جو يسوده التدين وحب وذكر الله , وذلك من خلال ليالي الذكر التي كان يقيمها والده في المناسبات الإسلامية , مثل المولد النبوي الشريف وغيرها من المناسبات الدينية .
ومن هنا دفع به والده إلى أن يتلقى تعليمه بالمعاهد الأزهرية حتى وصل إلى السنة الثانية في المرحلة الثانوية الأزهرية , وكان ذلك عام 1970 م . ثم انقطع عن الدراسة لظروف خاصة
وخلال هذه الفترة من عمر الشيخ كان مولعا بالشعر الصوفي , والذي كان يسمعه من والده وممن يحضرون ليالي الذكر التي كان يقيمها والده , ثم ظل لمدة عامين متأملا ومنقطعا لقراءة أشعار المتصوفة الكبار من أمثال : سيدي عمر بن الفارض , وسيدي الحلاج , وسيدي السهروردي , وسيدي محي الدين بن عربي وغيرهم من أقطاب الصوفية الكبار الذين كان لهم الفضل وكان لهم أكبر الأثر في تكوين شخصيته في هذه الفترة السنية التي يبنى فيها عقل الإنسان وتتشكل فيها شخصيته
الصبا وبوادر الموهبة
على الرغم من أن الشيخ قد ترك تعليمه الأزهري في السنة الثانية من المرحلة الثانوية , إلا أن هذه الفترة من التعليم كانت خير معين له في رحلته التي شاء القدر أن يسيره فيها
فقد حفظ القرآن الكريم وتجويده , وعرف كيف يجود القرآن الكريم بصوت جميل , كما ساعده حفظ القرآن الكريم على إنماء ملكة الحفظ لديه التي كانت عاملا مهما بالنسبة له فيما بعد

وكانت اللغة العربية وقواعدها التي درسها على أيدي أساتذة أجلاء من علماء الأزهر الشريف قد ساعدته على عبور حاجز الرهبة لهذه اللغة الجميلة – لغة القرآن – كما ساعدته على معرفة أصول اللغة وقواعدها وكيفية نطقها نطقا سليما

وكانت فترة الانقطاع التي عكف فيها الشيخ على دراسة الشعر الصوفي وقراءته والتأمل فيه وفي معانيه التي غالبا ما تكون لسان حال قائليها من كبار رجال التصوف وما في هذه الأشعار من تهذيب للنفس والروح والارتقاء بها إلى أسمى المراتب والمراقي
وعندما سئل في إحدى المحطات الإذاعية الفرنسية عن تعريفه للشعر الصوفي الذي يعشقه ويشدوا به استشهد ببيت من الشعر يقول

تزين ألفاظه معانيه *** وألفاظه زائنات المعاني

أما عن الشعراء الذين ينشد لهم فقد قال عنهم : أنا لا أقول إن هؤلاء شعراء إنما هم لسان حال فهم أكبر من أن يكونوا شعراء هم لسان حال واضح وفصيح صادر عن منابع كلها صدق ولا زالت حية وموجودة إلى يوم الدين

وكانت هذه هي البداية فقد بدأ الشيخ يترنم بينه ويبن نفسه بهذه الأشعار وتجويد بعض آيات القرآن الكريم . وكانت نقطة التحول في حياة الشيخ حيث كانت إحدى الليالي التي كان يقيمها والده , وبالتحديد ليلة المولد النبوي , فأخذ يقول مثلما يقوله هؤلاء الذاكرون , ومن هنا وجد الشيخ نفسه مندفعا إلى حلقة الذكر منشدا
هو الحب فاسلم بالحشى ما الهوى *** سهل فما اختاره مضني به وله عقل
وعـش خـاليا فالحـب راحـته عــنا *** فـأوله سقـــم واخــــره قـتــل


كانت هذه هي البداية في هذا الطريق بهذه الكلمات لسلطان العاشقين – سيدي عمر بن الفارض – الذي يعد أكثر المتصوفة تأثيرا في نفس شيخنا
نجم الشرق وكوكب الشرق ** مفارقات

مما لا شك فيه أن الشيخ ياسين التهامي يعد ظاهرة فريدة في عالم الغناء والطرب وفي عالم الإنشاد الديني خاصة , وذلك ما صرحت به الصحافة الأسبانية حيث أطلقت عليه ( ياسين العظيم ظاهرة الشرق ) وقريب من هذا مقال نشر بمجلة نصف الدنيا المصرية عنوانه ( ظاهرة في مصر اسمها ياسين التهامي ) 000

والمتأمل في قصة حياة هذا الرجل يجد فيها موافقات متعددة وأوجه شبه كثيرة بينه وبين العملاقة سيدة الغناء العربي السيدة أم كلثوم , فكلاهما قد حقق معادلة صعبة في عالم الفن والغناء فمن السهل أن يصل الإنسان إلى الشهرة والنجاح , أما الصعب هو أن يحافظ الإنسان على هذا النجاح وأن يقدر على صنع أرضية ثابتة يجتمع عليها المثقفون وعامة الناس والأميون وأن يقدم فنا تتفق عليه كل الأذواق هذه المعادلة الصعبة لم تتحقق في عالم الغناء بكل أجناسه إلا مع أم كلثوم , ثم جاء ياسين التهامي من قلب الصعيد بصوت دافئ ينقل أشعار المتصوفة العظام ( الحلاج وابن الفارض والسهروردي ورابعة العدوية والجيلي ) جاء بصوته الذي يجمع بين وهج حرارة الصعيد وألق شعراء لم يجد الزمان بمثلهم يصدح بصوت العشق والهوى ويغرد للأرواح العطشى للرحيل خلف صبابة الحب الإلهي

ويمكن أن نرصد بعض أوجه الشبه بين الظاهرتين ( أم كلثوم وياسين التهامي ) وذلك من عدة نواحي :

1

عند ظهور السيدة أم كلثوم وانطلاقها في عالم الغناء في مطالع العشرينات من القرن الماضي كانت هناك على الساحة ملكة متوجة للغناء هي سلطانة الطرب ( منيرة المهدية ) 0
ومن الموافقات الطريفة أن يكون ظهور الشيخ ياسين وبدايته في مجال الإنشاد الديني في وجود عملاق في هذا الفن له جمهوره العريض وله محبوه في كل مكان من أرض مصر ؛ هذا العملاق هو الشيخ أحمد التوني , وهو ابن قرية الحواتكة أيضا وله دوره ومدرسته في فن الإنشاد الديني , وهو – كما وصف في كتاب الهلال عدد ديسمبر 1995 - " أحد أعلام الإنشاد وصاحب الصوت الدافئ الأجش الذي يذكرنا بصوت الشيخ زكريا أحمد " 0

ولكن الشيخ ياسين في ظل وجود الشيخ أحمد التوني نجده يسلك مسلكا متفردا بعيدا عن أسلوب الشيخ التوني , ويصبح بهذا الأسلوب صاحب مدرسة أخرى هي إحدى مدرستين للإنشاد الديني في مصر

2

وجه الشبه الثاني بين التهامي وأم كلثوم هو ارتقاء كل منهما بالفن الذي التحق به فأم كلثوم عند ظهورها كانت تنتشر موجة من الأغاني الهابطة الركيكة التي لا ترقى إلى المستوى الذوقي المطلوب , حتى الأغاني التي اشتهرت بها سلطانة الطرب ( منيرة المهدية ) كانت خالية من الكلمة الهادفة وإنما كانت تغني كلاما عندما تسمعه يطربك صوتها الجميل ولكن دون حس ينقله إليك ولا شعور يبثه فيك ولا يمكن أن يكون له وقع لديك , فقد كانت تغني لتطرب أذنك وحاستك المادية فقط , كما كانت ( السلطانة ) عامية النطق والإشارة عامية المفاهيم
فبينما كانت تتغنى بأشهر أغانيها
أوعى تكلمني بابا جي ورايا
يآخد باله مني يـزعـل ويايا


أو أغنيتها التي تقول فيها
متخافش علـيّا ده أنا واحده سبوريا
في العشق يا إنت واخده الباكالوريا




بينما كانت تغني هذه الأغاني وغيرها من الأغاني ذات المستوى الذوقي الهابط تأتي أم كلثوم بكل ما أعطاها الله من صوت نادر في امتيازه سواء في الجمال أو في سلامة اللغة العربية وتنطلق بالغناء بقصيدة باللغة العربية الفصحى مثل
وحقك أنت المنى والطلب *** وأنت المراد وأنتا الأرب
ولي فيك يا هاجري صبوة *** تحير في وصفها كل صب


أو مثل قصيدة
غيري على السلوان قادر *** وسواي في العشاق غادر
لي في الغـرام ســـــريرة *** والــله أعـــــلم بالسـرائـر


ومع هذا فقد أبهرت الجميع ونجحت مع وجود كل هذه العقبات , واستطاعت أن تنقل الشعب الذي تعود على استماع الأغاني العامية التي لا هدف منها إلى استماع القصائد الجادة

وإذا نظرنا إلى الشيخ ياسين التهامي نجده أيضا قد ظهر في فترة مظلمة لفن الإنشاد الديني , لم يكن فيها كثير من الأسماء المشهورة ولم يكن لهذا الفن أي أثر يذكر , وكان المسيطر على هذا الفن – كما قلنا – هو الشيخ أحمد التوني الذي ورث هذا الفن عن سابقين من أمثال الشيخ الغنيمي والشيخ الشبيتي وآخرين

ولكن الإنشاد في هذه الفترة كان يأخذ طابعا عاميا بسيطا يعتمد على لحن معين أو نغمة معينة يلتزم بها المنشد ولا يغيرها مع اعتماده في أغلب الأحيان على الكلام العامي

يقول الشيخ الغنيمي في بعض أناشيده
عجبي على ناس لا صاموا ولا صلوا
وعدوا البحر ع المنديل ما ابـــتلوا
وفي آخر الليل في حرم النبي صلوا


ويقول الشيخ أحمد التوني في بعض أناشيده
رنيــت يا كاس قلى ســبب رنك
رنــيت وحدك ولا الهوى رنـــــــك
يا ساهر الليل قوم حرص على دنك
لحسن يقوموا السهارى يشربوه منك


ولم يستهو هذا النوع من الكلام الشيخ ياسين التهامي , ولكنه قرر أن يرتقي بهذا الفن ويدخل فيه ما حفظه في صباه من كلام أعلام الصوفية الكبار الذين يمدح في ساحاتهم فنجده بدأ في أولى حفلاته بقصيدة للسهروردي مطلعها

أبدا تحن إليكم الأرواح *** ووصالكم ريحانها والراح

أو نجده يتغنى بقصيدة لسلطان العاشقين سيدي عمر بن الفارض مثل

ما بين معترك الأحداق والمهج *** أنا القتيل بلا إثم ولا حرج

ومع أن هذا الكلام يصعب فهمه إلا على المتعلم الدارس لأصول اللغة العربية ؛ إلا أن التهامي بأسلوبه العذب وبإحساسه الذي يبلغ ذروته وهو في حالة الإنشاد نجد أن كل مستمعيه ينجذبون إليه ويتمايلون معه في نشوة ساحرة يرددون ما يسمعونه منه ولو لم يفهموا معناه إلا أنهم يحسونه

3

من الموافقات التي بين كوكب الشرق ونجم الشرق أن الشيخ ياسين قام بإنشاد بعض القصائد التي غنتها أم كلثوم ومن هذه القصائد

( 1 )

غيري على السلوان قادر *** وسواي في العشاق غادر

غنتها أم كلثوم وهي من كلمات سيدي عمر بن الفارض ولحنها لها الشيخ أبو العلا محمد وغناها الشيخ ياسين في كثير من حفلاته بألحانه

( 2 )
ما لي فتنت بلحظـك الفتـاك *** وسلوت كـــل ملــيحـة إلاك
يسراي قد ملكت زمام صبابتي *** ومضلتي وهداي في يمناك


كلمات الشاعر على الجارم غنتها أم كلثوم ولحنها لها الملحن الهاوي الدكتور صبري النجريدي وأنشدها أيضا الشيخ ياسين بألحانه

( 3 )

ولد الهدى فالكائنات ضياء *** وفم الزمان تبسم وثناء

رائعة أمير الشعراء أحمد شوقي وقد اختارت أم كلثوم بعض أبيات هذه القصيدة ولحنها لها الملحن العبقري رياض السنباطي , واختار منها الشيخ ياسين التهامي بعض الأبيات وأنشدها بألحانه

( 4 )

سلوا قلبي غداة سلا وثابا *** لعل على الجمال له عتابا

كلمات أمير الشعراء أحمد شوقي وقد لحنها لأم كلثوم العبقري رياض السنباطي أيضا . واختار الشيخ بعضا منها وأنشدها بألحانه

( 5 )

غريب على باب الرجاء طريح *** يناديك موصول الجوى وينوح

وهي كلمات الشاعر طاهر أبو فاشا , غنتها أم كلثوم ولحنها لها الموسيقار كمال الطويل , وكذلك أنشدها الشيخ ياسين التهامي بألحانه وأسلوبه

****

Search