المتابعون

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

إحتجاجات يهودية وصمت عربي
فيينا تحتفل بمئوية تيودور هيرتزل
بمناسبة مرور مائة عام علي وفاة تيودور هيرتزل مؤسس الحركة الصهيونية‏,‏ الذي نقلت رفاته إلي فلسطين عقب قيامها في عام‏1948,‏ أقامت حكومة مقاطعة فيينا احتفالا تمثل في تنظيم مؤتمر بمبني البلدية افتتحه رئيس الجمهورية توماس كليستكل الذي تنتهي فترة ولايته في الثامن من يوليو الحالي‏,‏ وتم تنظيم المؤتمر بناء علي فكرة حركها من الخلف حاكم فيينا السابق هيلموت تسيلك‏,‏ أما حاكم فيينا الحالي فقد قرر إطلاق اسم هيرتزل علي أحد الميادين المهمة في العاصمة‏.‏
والسؤال الذي يطرح نفسه هو‏:‏ ماذا قدم تيودور هيرتزل من خدمات عظيمة للنمسا وللإنسانية جمعاء حتي يتم تكريمه بهذا الشكل المستفز؟

فهذا الرجل هو المسئول الأول عما تشهده المنطقة الآن من صراع بدأ قبل أكثر من نصف قرن ولا يزال‏,‏ ولا يعلم أحد متي سينتهي‏.‏
فهذا التكريم ليس إلا تقديرا لأفكاره الصهيونية التي تخالف مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي‏,‏ كما أنه يمثل محاولة للتودد لإسرائيل وكسب تأييدها علي المستوي العالمي‏.‏

فالسياسة التي يعانيها الشعب الفلسطيني منذ بدء الأزمة وحتي الآن‏,‏ التي ضمنها هيرتزل في كتابه الدولة اليهودية وينفذها تلامذته وأتباعه‏,‏ ليست عملا عظيما بالنسبة للنمسا حتي يكرم في فيينا بإطلاق اسمه علي أحد الميادين‏,‏ وأن يعقد مؤتمر له يمجد فيه السياسيون النمساويون قبل أحبار الصهيونية أعمال هذا الصهيوني‏.‏
فاسم هيرتزل ارتبط بذكري أليمة لا تزال عالقة في أذهان العرب والمسلمين تتمثل في اغتصاب دولة فلسطين وتشريد شعبها وقيام دولة إسرائيل‏.‏

ونشير هنا أيضا أن هذا التكريم جاء عقب عودة العلاقات النمساوية ـ الإسرائيلية إلي مجراها الطبيعي بعد فترة جمود بدأت في عام‏2000‏ منذ مشاركة حزب الأحرار اليميني في الحكم‏.‏
كما أنه يأتي بعد أن أكد استطلاع للرأي أجرته المفوضية الأوروبية أن إسرائيل تحتل المرتبة الأولي كدولة تمثل خطرا علي السلام العالمي‏.‏

وبالإضافة إلي ذلك جاء قبل أيام قليلة من أول زيارة للرئيس الإسرائيلي موشي كاتساف ليفتتح بنفسه الميدان الذي سيحمل اسم تيودور هيرتزل‏.‏
ومع الأسف الشديد جاء رد الفعل العربي ضعيفا لا يتناسب مع خطورة هذا الحدث‏,‏ واكتفت الأوساط العربية الرسمية والشعبية بإصدار بيانات تندد وتشجب وتعلن عن تنظيم مظاهرات دون أن تكون هناك إجراءات حازمة وفاعلة في مواجهة حكومة فيينا التي استغلت الواقع العربي المؤسف‏,‏ سواء في الداخل أو الخارج واعتبرته فرصة يمكن من خلالها تمرير هذا المشروع الصهيوني‏.‏

أما السفارات العربية في فيينا فلم تحرك ساكنا وكأن الأمر لا يعنيها بالمرة‏,‏ فلم توجه احتجاجاتها للحكومة النمساوية لما تفعله بلدية فيينا التي من المفترض أنها تتماشي مع السياسة العامة للدولة الاتحادية خاصة فيما يتعلق بالمسائل ذات الصلة بالسياسة الخارجية‏.‏
ولم يصدر عن الجانب العربي في النمسا سوي رسالة ضعيفة من بعثة جامعة الدول العربية للإعراب عن عدم الارتياح لخطط إطلاق اسم تيودور هيرتزل علي أحد الميادين الرئيسية بالعاصمة أعرب فيها رئيس البعثة عن الأسف البالغ لهذه الخطط‏.‏

وأضاف أن توقيت مثل هذه الخطوة وفي ظل الوضع المتوتر في منطقة الشرق الأوسط والعراق غير مناسب ولا يخدم السلام والعلاقات الطيبة التي تربط النمسا والعالم العربي والإسلامي‏.‏
وطالب حكومة فيينا بضرورة إعادة النظر في هذه الخطط معربا عن أمله في أن تتفهم أسباب القلق العربي في هذا الشأن‏.‏

وفي ختام الرسالة أكد رئيس بعثة جامعة الدول العربية تقديره واحترامه الشديد للسياسة التي اعتمدها المسئولون النمساويون حتي الآن‏,‏ والتي لها الفضل الكبير في حماية النمسا وتجنيبها المشكلات والنزاعات‏.‏
ولم تبد الجاليات العربية بالنمسا أي احتجاجات سوي ببيان صادر عن الجالية الفلسطينية أشار إلي أن تسمية ميدان باسم هيرتزل خطوة تعد انتهاكا صارخا وعدم احترام لضحايا الصهيونية من الشعب الفلسطيني والشعب العربي والإسلامي‏.‏

واعتبرت الجالية الفلسطينية هذه الخطوة مساسا بالحق الفلسطيني والعربي الذي يعاني يوميا الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية‏,‏ مشيرا إلي أن إسرائيل نشأت نتيجة أفكار وتصورات مؤسس الصهيونية تيودور هيرتزل‏.‏
وتم الإعلان عن تنظيم مظاهرة كبيرة من جانب الجاليات العربية والإسلامية في أواخر شهر يوليو الحالي لتتزامن مع زيارة الرئيس الإسرائيلي لفيينا‏.‏

ويؤكد المراقبون والمهتمون بالصراع العربي ـ الإسرائيلي أن قرار فيينا خاطئ وليس له إلا معني واحد‏,‏ وهو أن يأتي كمكافأة للحركة الصهيونية علي ما قامت وتقوم به من أعمال إجرامية وفاشية في حق الشعب الفسطيني‏,‏ وانحيازا سافرا لسياسات هذه الحركة ومبادئها الإجرامية التي أرساها تيودور هيرتزل‏.‏
كما يسيء القرار في المستقبل للعلاقات التقليدية والتاريخية الطيبة التي جمعت بين النمسا والعالم الإسلامي منذ عهد الإمبراطورة ماريا تيريرزا‏.‏

ودعت المبادرة جميع المواطنين الشرفاء في فيينا إلي المشاركة في المظاهرة التي أعلن عن تنظيمها في التاسع والعشرين من شهر يونيو الماضي‏,‏ وكذلك عقد الندوات والفعاليات المختلفة لتبيان الحقيقة العنصرية والفاشية للحركة الصهيونية‏.‏
وقد تعالت الأصوات في فيينا مطالبة جميع الشعوب العربية والإسلامية والشعوب الأخري المحبة للسلام والعدل‏,‏ بتنظيم مظاهرات أمام السفارات والقنصليات النمساوية في كل أنحاء العالم‏,‏ وأن يأخذ الناخب العربي والمسلم في النمسا بعين الاعتبار عند توجهه إلي أي انتخابات مقبلة هذا القرار ومن وقف وراءه من أحزاب‏,‏ لاسيما الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يحكم فيينا‏.‏

كما طالبت المؤسسات الاقتصادية العربية بضرورة إبلاغ الشركات ورجال الأعمال النمساويين الذين لهم مصالح وأعمال في العالم العربي والإسلامي احتجاجها الشديد علي هذا القرار‏.‏
ويعتبر المراقبون أن القرار غير عادل وغير منطقي وقصير النظر‏,‏ وتم اتخاذه بناء علي ظروف هذه المرحلة التاريخية القائمة التي يغيب فيها العدل والحق في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم الذي تتحكم فيه وتبتزه بشكل أو بآخر الحركة الصهيونية بأساليبها الدنيئة والشريرة‏.‏

وقد تردد بين الأوساط العربية في فيننا أن حكومة العاصمة تقوم حاليا بدراسة مبادرة لإطلاق اسم محمد أسد المسلم ذي الجذور اليهودية علي أحد شوارع العاصمة وذلك إرضاء للرأي العام العربي والإسلامي في النمسا‏.‏
وبالعودة إلي أرشيف فيينا وجد أن محمد أسد الذي كان يدعي ليوبولد فايس ولد لأسرة يهودية عام‏1898‏ وهاجر إلي فلسطين وعمل كمراسل للصحف الألمانية وأصبح من أشد المناهضين للصهيونية وأظهر تعاطفه الشديد مع الفلسطينيين في فترة الأربعينيات‏,‏ ثم اعتنق الإسلام ورافق الملك عبدالعزيز آل سعود وعمل كمستشار له في تأسيس المملكة‏,‏ وتزوج من سعودية ثم انتقل إلي الهند حيث رافق الشاعر والفيلسوف المسلم محمد إقبال‏,‏ وشارك في تأسيس باكستان وأصبح بعد ذلك أول سفير لها في الأمم المتحدة‏,‏ ثم توفي في عام‏1993‏ ودفن بمقابر المسلمين في قرطبة‏.‏

وصدر لأسد العديد من المؤلفات في الشريعة الإسلامية ونظام الحكم أكد فيها أن الدولة الإسلامية هي دولة جمهورية ديمقراطية برلمانية دستورية‏,‏ وقام بترجمة القرآن الكريم كاملا إلي الإنجليزية‏,‏ ثم شرع في ترجمة صحيح البخاري إلي اللغة نفسها لكن المشروع لم يتم‏.‏
لكن هذه المبادرة لم تلق قبولا في الشارع العربي والإسلامي الذي رفضها رفضا قاطعا‏,‏ كما تمسك برفضه لتكريم هيرتزل‏.‏

أما الأهم من ذلك فقد قوبل تكريم هيرتزل برد فعل غاضب من قبل بعض الجماعات اليهودية الأوروبية المناهضة للصهيونية وإسرائيل‏.‏
وهذه الجماعات نجحت من قبل مع منظمات عربية في إجبار فيينا علي العدول عن إطلاق اسم هيرتزل علي ميدان بريتنا الذي يقع خلف دار الأوبرا‏,‏ وتعمل حاليا لمنع قرار إطلاق الاسم علي ميدان آخر شهير‏.‏

فرئيس الطائقة اليهودية الأرثوذكسية الحاخام الشاب موشيه فريدمان يأمل من المظاهرة الحاشدة التي قادها حشد مئات الخامات اليهود المناهضين للصهيونية من أرجاء أوروبا كلها لتأكيد حقيقة أن الصهيونية لا علاقة لها بالديانة اليهودية الحقيقية‏.‏
وهدد فريدمان أن بيده وثائق تفيد بأن الحكومة النمساوية تمول حركة كاخ العنصرية تحت مسمي جمعية يهودية تقدم مساعدات ليهود متطرفين قادمين من دول الاتحاد السوفيتي السابق لبناء مستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام‏1967,‏ مما يتعارض مع سياسات أوروبا التي تعتبر استيطان اليهود في تلك الأراضي غير قانوني‏.‏

والأغرب من ذلك أن هذا الحاخام لديه وثائق تؤكد مسئولية الصهيونية عن إبادة يهود أوروبا‏,‏ بينها وثيقة منسوبة إلي أول رئيس لإسرائيل حاييم وايزمان يقول فيها خلال اجتماع يهودي صهيوني عقد في سويسرا عام‏1947:‏ إن مساعد هتلر المعروف أدولف ايجمان سأله في لقاء له جمعهما عام‏1937‏ إن كانت الحكومة الصهيونية قادرة علي استيعاب يهود أوروبا جميعا في فلسطين‏,‏ فرد وايزمان بالطبع لا‏,‏ هناك أعداد نحن بحاجة إليها والباقي يمكنكم التصرف فيه‏.‏
واستغل فريدمان هذه المناسبة للتشديد علي أن هيرتزل كان ملحدا وأن كثيرا من مؤسسي الصهيونية لم يكونوا أساسا من اليهود‏,‏ وأن الصهيونية تشكل في نهاية المطاف كارثة علي اليهود‏,‏ وأن شخصا كهذا يجب ألا يكرم احتراما للفلسطينيين الذين شردوا ويجب أن يعودوا إلي ديارهم في كامل أرض فلسطين التاريخية‏.‏

ومن الأهمية أن نشير إلي أن فريدمان خاض معارك قضائية كثيرة في فيينا ونتجت إحداها عن دعوي رفعتها ضده الجمعية اليهودية الممثلة للطائفة اليهودية النمساوية الموالية لإسرائيل بسبب اتهامات فريدمان لقادة اليهود الصهاينة في النمسا بأنهم تعاونوا مع النازيين قبل الحرب العالمية الثانية وفي أثنائها‏,‏ واستند فيها إلي وثائق قضائية تظهر أن جميع أعضاء مجلس إدارة الجمعية الدينية آنذاك اعتقلتهم السلطات النمساوية الجديدة بتهمة التعاون مع النازيين وصدرت ضدهم أحكام قضائية من محكمة الشعب في فيينا عام‏1954.‏
وفضلا عن ذلك يستعد فريدمان الآن لخوض معركة قضائية أخري في إطار ما يسميه فضيحة تمس الحكومة النمساوية لقيامها ـ ربما دون أن تدري ـ بتمويل حركات يهودية متطرفة ومدرجة علي قائمة الحركات الإرهابية مثل حركة كاخ العنصرية وأشهر زعمائها باروخ جولدشتاين الذي نفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي‏.‏

ويؤكد الحاخام الأرثوذكسي أن أتباع هذه الحركة الذين أتوا من دول الاتحاد السوفيتي السابق يحظون بتمويل حكومي نمساوي تحت مسمي جمعية يهودية دينية‏,‏ وأن هذا الدعم جاء بعد ضغط من الحكومة والأوساط الصهيونية خلال السنوات الثلاث الماضية بحجة دفع تعويضات لليهود الذين صودرت أملاكهم في النمسا وأجبروا علي العمل الشاق فيها خلال العهد النازي‏.‏
ويعتزم فريدمان حشد أعداد ضخمة من مناهضي الصهيونية في أوروبا لتنظيم مظاهرة تحت عنوان حرروا القدس من الصهيونية‏.‏
هذا ما فعله ويفعله حاخام يهودي‏..‏ فماذا فعل العرب؟‏!!
.


اذا اعجبتك هذه التدوينة فلا تنسى ان تشاركها وتساعدنا على نشر المدونة ، كما يسعدنا ان تنضم الى قائمة المشاركين في سما بلوجر من خلال (نشرات rss)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Search